روائع مختارة | قطوف إيمانية | التربية الإيمانية | عدة المؤمنين.. للنصر على الكافرين

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > التربية الإيمانية > عدة المؤمنين.. للنصر على الكافرين


  عدة المؤمنين.. للنصر على الكافرين
     عدد مرات المشاهدة: 1879        عدد مرات الإرسال: 0

لطالما فكرت مليًّا في العلاقة بين أوائل سورة الفجر، في الحديث عن صلاة الفجر واستثمار الليالي العشر، والشفع والوتر، والقنوت في الليل، ثم الحديث بعدها عن عاد وثمود وفرعون، حتى اهتديت بفضل الله ومنته إلى الحقائق التالية التي جعلتني موقنًا بأن صلاة الفجر في المسجد وقيام الليل تبتلاً وذلة وقنوتًا بين يدي الله يصنعان -بفضل الله- النصر على الظالمين، ويبدو ذلك من الشواهد التالية:

 1- لا يمكن أن يكون هذا التوالي إلا لإشارة واضحة، أننا -نحن المسلمين- يجب أن نستعد لمواجهة الظالمين بعُدَّة المؤمنين؛ لأن الله تعالى يقول: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47]. ومن أهم صفات هؤلاء المؤمنين صلاة الفجر وقيام الليل، فهذا التوالي يعني أن تلكم هي مقدمات النصر التي تستمطر رحمات الله على المؤمنين، وتستنزل سوط العذاب على الظالمين.

 2- جاء في سنن النسائي عن أنس بن مالك t قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِيَوْمَ خَيْبَرَ صَلاَةَ الصُّبْحِ بِغَلَسٍ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْهُمْ، فَأَغَارَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ خَرُبَتْ خَيْبَرُ -مرتين- إنَّا إذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ"[1].

 3- روى الترمذي بسنده عن النعمان بن مقرن t قال: "غَزَوْتُ مع النبيِّفكان إذا طَلَعَ الفَجْرُ أمْسَكَ حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فإذا طَلَعَتْ قَاتَلَ، فإذا انْتَصَفَ النَّهَارُ أمْسَكَ حتى تَزُولَ الشَّمْسُ"[2].

 4- يذكر الدكتور راغب السرجاني عددًا من القادة المسلمين أنهم كانوا يبدءون قتالهم بعد صلاة الفجر، وذكر منهم خالد بن الوليد t في كل معاركه، وأنس بن مالك t في فتح "تُستر"، ويوسف بن تاشفين في موقعة الزلاقة، وسيف الدين قطز في موقعة عين جالوت. ومما اشتهر أن صلاح الدين الأيوبي خاض معارك لم يوفَّق فيها، فتفقَّد جنوده فوجد خيمة ينام جنودها عن صلاة الفجر، فقال: "من هنا نُؤتى". فلما انتظموا في صفوف المسلمين في صلاة الفجر، جاءهم النصر على الصليبيين في موقعة حطين.

 بل إن كتب التاريخ تذكر أن صلاح الدين لما همَّ بحرب الصليبيين ذهب إلى صلاة الفجر في المسجد الأموي، ونظر إلى المصلين بعد أن أقيمت الصلاة، فوجد أنهم قلة لم يكملوا الصف الأول، فعاد إلى الدعوة والتربية وحث الأمة على عمارة المساجد وحفظ القرآن، وبعد سبع سنوات ذهب إلى المسجد نفسه فلم يجد له مكانًا، وصلى في الساحة الخارجية، عندها بدأ يُعِدُّ العُدَّة للحرب على الصليبيين.

 5- ومما يستأنس به على أن صلاة الفجر ترعب أعداءنا، ما تواتر عن الصهاينة المعتدين أنهم يحرصون أن يسألوا عن عدد مصلي الفجر في مساجد المدن الفلسطينية، وأن شامير رئيس الوزراء الأسبق للكيان الصهيوني كان أول من جعل ذلك جزءًا أساسيًّا من التقارير التي ترفع إليه من عملاء الكيان الصهيوني، حيث يذكر بشكل دوري عدد مصلي الفجر في العواصم الإسلامية الكبرى، وكان يردد: "ما زالت إسرائيل بخير ما دام الفرق شاسعًا بين مصلي الفجر ومصلي الجمعة".

 ولهذا يمتلئ قلبي أملاً بقرب النصر مع زيادة مصلي الفجر، وقد أعلنت في كلمتي التي ألقيتها في المسيرة المليونية لتأييد المقاومة الفلسطينية في مواجهة العدوان الصهيوني التي عقدها حزب السعادة التركي في إسطنبول في أول يوليو 2007م، حيث دعيت لإلقاء كلمة في هذه المسيرة، وكان مما قلته: "فلينتظر الصهاينة جيلاً جديدًا من الشباب من عمَّار بيوت الله المحافظين على صلاة الفجر، كما رأيت في مسجد أبي أيوب الأنصاري بمدينة إسطنبول في صلاة الفجر في يوم المسيرة نفسها حيث كان يصلي الفجر أكثر من ثلاثين ألفًا، وزادني سعادة وأملاً أن أكثرهم من الشباب الذين ألقيت الفتن بين أيديهم وأرجلهم وأعينهم وألسنتهم، لكنهم -بفضل الله- تركوا كل ذلك وهرعوا إلى المسجد، وعكفوا على القرآن والسُّنَّة، مما يرجى منهم الخير الكثير بإذن الله تعالى.

 6- ومن الشواهد على ارتباط النصر بصلاة الفجر ما أفاض الله به على أهل غزة والأمة الإسلامية من ورائهم بالانتصار على بني صهيون في هذه الهجمة الشرسة في أول العام الهجري 1430هــ، وقد استنفر الجيش الصهيوني فيها كل ما يملك من سلاح جوي وبري وبحري، واستنفد كل ما عنده على قوم حوصروا من العدو والصديق، لكن الله -تعالى- جعل من صلاة الفجر وعمارة المساجد وحفظ القرآن واتباع هدي سيد الأنام أسبابًا لنزول الرحمات، وظهور المعجزات، وكثرة الكرامات، التي قلبت السحر على الساحر، والمكر على أهله، والكيد على صاحبه؛ ولذا كان استهداف المساجد من أكثر ما حرص عليه العدو، لكن أهل غزة تحدّوا ذلك كله بأن صلوا على أنقاض المسجد، ولا تزال غزة أكثر بقاع الأرض التي تمتلئ فيها المساجد بالمصلين في الفجر بما يقارب صلاة الجمعة، وهو من أكبر آمال النصر إن شاء الله.

 --------------------------------------------------------------------------------

[1] سنن النسائي الصغرى، كتاب المواقيت، باب التغليس في السفر، 1/293، حديث صحيح.

[2] سنن الترمذي، كتاب السير، باب ما جاء في الساعة التي يستحب فيها القتال، 5/187، حديث فيه قتادة لم يدرك النعمان بن مقرن.

الكاتب: د. صلاح سلطان

المصدر: موقع الدكتور صلاح سلطان